واصل رئيس حكومة تصريف الأعمال في الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مُغامرته بالعدوان ضد قطاع غزة في يومه الثاني، مُستهدفاً كوادر ومراكز تتبع "حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين"، التي رد جناحها العسكري "سرايا القدس" بإطلاق وابل من القذائف ورشقات الصواريخ، فشلت منظومة "القبة الحديدية" باعتراضها، فتساقطت في مُستوطنات غلاف قطاع غزة، عسقلان، سديروت وشمال تل أبيب.
وأدى تساقط الصواريخ والقذائف إلى شل الحياة في الكيان الإسرائيلي، وفتح الملاجئ، وتوقف الدراسة في تل أبيب والعديد من المدن والبلدات الفلسطينية المُحتلة.
ولم تسفر الاتصالات التي قام بها وسطاء في طليعتهم مصر والأُمم المُتحدة إلى وقف العدوان.
ونفت مصادر في "الجهاد الإسلامي" ما جرى تداوله عن وصول أمينها العام زياد نخالة إلى القاهرة.
هذا في وقت، وجهت فيه قوات الاحتلال تحذيراً مُبطناً باغتيال نخالة وقيادات في "الجهاد"، ما لم توقف إطلاق الصواريخ.
وأكد نخالة أن "العدو هو من بدأ المعركة، ونحن سننهيها، ولا نريد أي وسيط للتهدئة، حتى يعرف العدو أنه ليس من السهل بدء وإنهاء المعركة مع غزة".
وتوجه إلى أهالي غزة بالقول: "إلى الشعب الحبيب، نقول لكم، أنتم ظلنا المُمتد، والمقاومة والشعب جسد واحد، والقسام هو قلبه، وأقول لكم انتظرونا بكل ما هو جديد".
وأتى توقيت نتنياهو بمُغامرة خرق الهدنة مع قطاع غزة، المعمول بها منذ مدة، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في "سرايا القدس" بهاء أبو العطا، وذلك في لحظة دقيقة جداً، بعدما أوشك الرئيس المُكلف بتشكيل الحكومة وحزب "أزرق أبيض" بيني غانتس ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، على التوصل إلى تشكيل حكومة أقلية مدعومة من "القائمة العربية المُشتركة" برئاسة أيمن عودة بـ61 صوتاً من أصل 120 في "الكنيست".
وهذا يعني القضاء على مسيرة نتنياهو السياسية، على وقع القرار المُرتقب الذي سيصدره المُستشار القضائي أفيخاي مندلبليت.
أمام ذلك قلب نتنياهو الطاولة على الجميع، وأعاد خلط الأوراق، وحقق ما يريد، بالدفع نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية بين "الليكود" و"أزرق أبيض" برئاسة غانتس، في بداية الأسبوع الرابع، اليوم (الخميس) من المهلة الممنوحة له، بدلاً من تشكيل الأخير حكومة أقلية تدعمها "القائمة المُشتركة".
وقرر 3 من قيادي "أزرق أبيض"، هم: غانتس، موشيه يعلون وغابي أشكنازي، التراجع عن خيار تشكيل حكومة أقلية بدعم العرب، والذهاب نحو حكومة وحدة مع نتنياهو، والقبول بمُقترحات رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، بأن يتناوب نتنياهو وغانتس على رئاسة الحكومة، على أن يترأسها نتنياهو في الفترة الأولى من التناوب، وإذا ما صدرت لوائح الاتهام بحقه يتسلم غانتس الرئاسة.
لكن التطور الهام، هو إلغاء الشروط التي كان يضعها "أزرق أبيض" للتحالف مع "الليكود"، فلم يعدوا يُمانعون دخول "الحريديم" إلى الحكومة، وهذا يجنب الكيان الإسرائيلي التوجه إلى انتخابات عامة جديدة، هي الثالثة خلال أقل من عام.
وكان بارزاً تركيز قوات الاحتلال بعدوانها ضد قطاع غزة على استهداف قياديين ومراكز تتبع "الجهاد الإسلامي" وتجنيب حركة "حماس" الدخول في هذه المعركة - كما أشار إلى ذلك مسؤولون إسرائيليون.
وأعلنت الأجنحة العسكرية في قطاع غزة توحدها بقصف مُشترك للمُستوطنات الإسرائيلية، وهي: "سرايا القدس"، "ألوية الناصر صلاح الدين"، "كتائب شهداء الأقصى - لواء العامودي" و"كتائب المُجاهدين".
وأطلقت في بيانها المُشترك اسم "صيحة الفجر" على هذه المعركة.
وكانت "سرايا القدس" قد أدخلت في معركتها، صاروخاً من طراز "كورنيت"، أصاب آلية عسكرية إسرائيلية صباح أمس شرق جباليا - شمال قطاع غزة، حيث تبيانت المعلومات عن حجم الخسائر لدى الاحتلال.
وقد سجل حتى أمس سقوط 26 شهيداً، وأكثر من 70 جريحاً خلال يومي العدوان، بغارات جوية وقصف مدفعي للاحتلال ضد قطاع غزة.
فيما سجل إصابة أكثر من 41 إسرائيلياً بحالات هلع و18 بالخوف والقلق و5 إصابات خطرة.
ورأى نتنياهو إثر ترؤسه اجتماعاً خاصاً لحكومة الاحتلال، أمس "أن حركة الجهاد الإسلامي أمامها خيار واحد، وهو وقف الهجمات الصاروخية، وإلا فإن إسرائيل ستواصل ضربها بلا رحمة".
وقال: "إن وجهتنا ليست للتصعيد، وهذا قد يستمر لفترة، والأفضل أن تُدرك الجهاد هذا، الآن، على أن تُدركه عندما يصبح الوقت مُتأخراً بالنسبة لها سنستمر في ضرب الجهاد الإسلامي بلا هوادة".
وأضاف نتنياهو: "إن عزمنا كبير جداً، ونحن مُصرّون على الدفاع عن بلادنا، وإذا كانوا يعتقدون أن هذه الرشقات الصاروخية ستضعفنا، فإنهم مُخطئون، ولديهم خيار واحد، أن يتوقفوا أو يتلقوا المزيد والمزيد من الضربات".
هذا، وقد استهل وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت تسلم مهمته الجديدة والمُؤقتة، بتوجيه تهديد عام بقوله: "نرسل هذا الصباح رسالة واضحة إلى جميع أعدائنا في جميع الجبهات، من يُخطط لاستهدافنا في النهار، لن يكون بمأمن أبداً بأن يمر عليه الليل، كنتم وما زلتم في المرمى".
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة "ضرورة الوقف الفوري للتصعيد الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا".
وقال أبو ردينة في تصريح صحفي: "إن الرئيس محمود عباس، يبذل جهوداً مُكثفة لمنع التصعيد الإسرائيلي الخطير وتجنب تداعياته"، مُطالباً "المُجتمع الدولي وفي مُقدمته الأُمم المتحدة، بالتدخل الفوري للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها المُتواصل ضد شعبنا، واحترام القانون والشرعية الدولية، الذين يُؤكدان ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني".
وحذر أبو ردينة "من مغبة هذا التصعيد"، مُؤكداً أن "المنطقة تعيش حالة توتر وعدم استقرار، وهذا العدوان هدفه الإضرار بمصالح شعبنا الفلسطيني".